الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.مطلب عدم رد السائل واللطف باليتيم: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تنهر 10} لا تزجره إذا سأل ولا ترده إذا طلب ولا تمنعه إذا أراد من فضلك وابذل إليه مما عندك ولو قليلا ولا تردّ وجهه فيرجع صفر اليدين وإذا لم تجد ما تعطيه فرده بكلمة طيبة ردا جميلا من غير تقطب وجه قال ابراهيم بن أدهم، نعم القوم السؤّال يحملون زادنا إلى الآخرة.وقال إبراهيم النخعي، السائل بريدنا إلى الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول أتوجهون إلى أهلكم أي موتاكم شيئا، قال جرير:وقرئ {فلا تكهر} لغة أعرابية والاعراب حتى الآن يبدلون القاف القولي بالكاف الفارسي والكاف بالجيم الفارسي على أن تفشي هذين الحرفين لديهم يوقع في الخلد أنهما عربيان وضعا واللّه أعلم.وما قيل ان السائل هنا هو طالب العلم ليس بشيء، على أنه لا يجوز منع السائل عنه بل يجب عليه اجابته.هذا وقد عاتب اللّه رسوله في الفُقراء في ثلاثة مواضع أحدها في ابن أم كلثوم إذ أنزل اللّه فيه مبادئ سورة عبس الآتية، والثانية فيما كلفته قريش بأن لا يجلس الفُقراء معهم إذ أنزل قوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} الآية 38 من سورة الكهف، والثالثة أن سائلا وقف ببابه وكان أمامه عنقود من التمر فسأل فأعطاه إياه فقام عثمان فاشتراه منه ووضعه أمام الرسول، فعاد وطلب فأعطاه إياه ثانيا، فعاد عثمان واشتراه منه، ثم عاد ثالثا فقال صلى الله عليه وسلم: «أسائل أنت أم بائع»، فأنزل اللّه هذه الآية.{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فحدث 11} بها أداء لشكرها وأراد بالنعمة هنا واللّه أعلم النبوة التي شرفه بها فكل نعمة دونها، فأمره في هذه الآية أن يبلغ ما يوحيه إليه إلى قومه، وأن يتحدث بما فضله اللّه به، واعلم أنه كما يجب على العبد شكر نعم الخالق، ينبغي له أن يشكر نعمة المخلوق، روى جابر عن عبد اللّه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من أعطى عطاء فليجز به إن وجد، فإن لم يجد فليثن عليه، فإن من أثنى عليه فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره، ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زور.»أي الذي يقول فلان أعطاني كذا وفلان عمل لي كذا من حيث لم يعطه ولم يعمل له شيئا، وكذلك الضرّة إذا قالت لضرّتها إن زوجي فعل لي كيت وكيت من حيث لم يفعل.ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبى زور». أخرجه الترمذي. .مطلب الشكر للّه ولخلقه: عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «من لا يشكر الناس لا يشكر اللّه».وله عن أبي هريرة: «الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر».وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن النعمان بن بشير صاحب معرة النعمان بين حلب وحماة قال: سمعت رسول اللّه على المنبر يقول: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر اللّه، والتحدث بالنعمة شكر، وتركه كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب».وورد «أشكركم للناس أشكركم للّه».هذا وبما أن هذه السورة نزلت بعد انحباس الوحي مدة، كبّر النبي صلى الله عليه وسلم عند نزولها فرحا بنزول الوحي وإدغاما لما قاله المشركون فيه.كما مر في سورة المدثر، فاتخذ قراء مكة هذا التكبير عادة من هذه السورة إلى آخر القرآن بحسب ترتيب المصاحف وحتى الآن يكبرون بختام كل سورة منها الناس، وصيغة التكبير: اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله إلا اللّه واللّه أكبر اللّه أكبر وللّه الحمد.أخرجه الحاكم وصححه ابن مردويه والبيهقي في الشعب من طريق أبي الحسن البزي البغوي قال: سمعت عكرمة بن سليمان يقول: قرأت على إسماعيل بن قسطنطين فلما بلغت {والضحى} قال كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم، فإني قرأت على عبد اللّه بن كثير، فلما بلغت {والضحى} قال كبر حتى تختم وأخبره عبد اللّه بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره أن ابن عباس أمره بذلك وأخبره أن أبي بن كعب أمره بذلك وأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك.هذا وما قيل إن هذه السورة هي الثالثة بالنزول لا صحة له بل هي الحادية عشرة كما أنها إحدى عشرة آية، وما قيل إنها نزلت في العام الثالث من البعثة أو انها بعد فترة الوحي الطويلة لا يلتفت إليه، كما بيناه أول المدثر ايضا فراجعها ففيها ما يركن إليه العقل ويسلم له العاقل ويرتاح له الضمير.هذا، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وأصحابه واتباعه صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين. اهـ..فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة: .قال زكريا الأنصاري: سورة الضحى:مكية.وجواب القسم {ما ودعك ربك وما قلى} وهو حسن.{من الأولى} صالح.{فترضى} تام.{فأغنى} كاف وقال أبو عمرو في الجميع تام.{تقهر} جائز وكذا {تنهر}.آخر السورة تام. اهـ..قال أحمد عبد الكريم الأشموني: سورة الضحى:مكية.ولا وقف من أولها إلى {قلى} فلا يوقف على {سجى} لأن ما بعده جواب القسم ولا يفصل بين القسم وجوابه بالوقف.{قلى} حسن.{من الأولى} كاف. للابتداء بِـ {ولسوف}.{فترضى} تام.قال الأخفش لأنَّ القسم وقع على أربعة أشياء اثنين منفيين وهما توديعه وقلاه واثنين مثبتين مؤكدين وهما كون الآخرة خيرا له من الدنيا وإنه سوف يعطيه ما يرضيه.{فآوى} جائز. ومثله {فهدى} لتعداد النعم.{فأغنى} كاف.{تقهر} جائز. ومثله {فلا تنهر}.آخر السورة تام.. اهـ..فصل في ذكر قراءات السورة كاملة: .قال ابن جني: سورة الضحى:بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِقرأ: {مَا وَدَّعَك}، خفيفة- النبي صلى الله عليه وسلم وعروة بن الزبير.قال أبو الفتح: هذه قليلة الاستعمال.قال سيبويه: استغنوا عن وذر وودع بقولهم: ترك، وعلى أنها قد جاءت في شعر أبي الأسود، قال: وأنشدناه أبو على:إلا أنهم قد استعملوا مضارعة، فقالوا: يدع. ويروى بيت الفرزدق: على ثلاث أضرب: لم يدع، ولم يدع- بكسر الدال، وفتح الياء- ولم يدع، بضم الياء.فأما يدع- بفتح الياء والدال- فهو المشهور، وإعرابه أنه لما قال: لم يدع من المال إلا مسحتا دل على أنه قد بقى، فأضمر ما يدل عليه القول، فكأنه قال: وبقى مجلف.وأما يدع- بفتح الياء وكسر الدال- فهو من الاتداع، كقولك: قد استراح وودع، وهو وادع من تعبه. فالمسحت- على هذه الرواية- مرفوع بفعله، ومجلف معطوف عليه، وهذا ما لا نظر فيه لوضوحه.وأما يدع- بضم الياء- فقياسه يودع، كقول الله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولد}، ومثله يوضع، والحديد يوقع، أي: يطرق، من قولهم: وقعت الحديدة، أي: طرقتها.قالوا: إلا أن هذا الحرف كأنه- كثرة استعماله- جاء ش إذا، فحذفت واوه تخفيفا، فقيل: لم يدع، أي: لم يترك، والمسحت والمجلف جميعا مرفوعان أيضا، كما يجب. اهـ. .قال الدمياطي: سورة الضحى:مكية.وآيها إحدى عشرة.القراءات:أمال فواصلها الثمانية ومنها {والضحى} سوى {سجى} حمزة والكسائي وخلف وقللهما الأزرق وأبو عمرو بخلفه وأما {سجى} فأمالها الكسائي وحده وقللها الأزرق وابو عمرو بخلفه.وقرأ {وللآخرة} بالنقل ورش كحمزة وقفا في أحد وجهيه وثانيهما السكت وثلث الأزرق مد الألف بعد اللام لعدم الاعتداد بالعارض وهو النقل مع ترقيق رائها وجها واحدًا بخلاف المضمومة في خير لك فله فيها الترقيق وعدمه غير أن الأصح الترقيق كما مر وسكت على اللام حمزة وابن ذكوان وحفص ورويس وإدريس عن خلف بخلفهم المتقدم.ويوقف لحمزة على {فآوى} و{فأغنى} بالتسهيل بين بين وبالتحقيق لكونه متوسطا بزائد.المرسوم:اتفقوا على كتابة {والضحى} و{سجى} بالياء. اهـ..قال عبد الفتاح القاضي: سورة والضحى:{وللآخرة}، {خير}، جلي.{الأولى} لورش ثلاثة البدل، وعلى كل التقليل فقط لكونه رأس آية.{فحدث} آخر السورة وآخر الربع.الممال:سورة الشمس والليل والضحى من السور الإحدى عشرة.رءوس الآي الممالة:{وضحاها}، {تلاها}، {جلاها}، {يغشاها}، {بناها}؛ {طحاها}، {سواها}، {وتقواها}، {زكاها}، {دساها}، {بطغواها}، {أشقاها}، {وسقياها}، {فسواها}، {عقباها}، {يغشى}، {تجلى}، {والأنثى}، {لشتى} {واتقى}، {بالحسنى}، {لليسرى}، {واستغنى}، {بالحسنى}، {للعسرى}، {تردى}، {للهدى}، {والأولى}، {تلظى}، {الأشقى}، {وتولى}، {يتزكى}، {تجزى}، {الأعلى}، {يرضى}، {والضحى}، {سجى}، {قلى}، {الأولى}، {فترضى}، {فآوى}، {فهدى}، {فأغنى}، ولا خلاف في عدها كلها.فأما فواصل سورة الشمس فأمالها كلها الكسائي من غير استثناء، وأمالها كلها حمزة وخلف إلا {تلاها} و{طحاها} فلهما فيهما الفتح قولا واحدًا، وقللها كلها أبو عمرو، ولورش فيها الوجهان الفتح والتقليل لأنها كلها مصحوبة بها.وأما فواصل سورة الليل فأمالها كلها الأخوان وخلف وقللها كلها ورش وقللها كلها أبو عمرو إلا فاصلتين {لليسرى} و{للعسرى} فأمالهما.وأما فواصل الضحى فأمالها كلها الكسائي وقللها كلها الكسائي وقللها كلها ورش والبصري وأمالها كلها حمزة إلا {سجى} ففتحها.ما ليس برأس آية:{أدراك}. تقدم في الانفطار، {النهار} معا بالإمالة للبصري والدوري والتقليل لورش. {خاب} لحمزة، {أعطى} و{لا يصلاها} بالإمالة للأصحاب والتقليل لورش بخلف عنه فيغلظ حال الفتح ويرقق حال التقليل.المدغم الصغير:{كذبت ثمود} للبصري والشامي والأخوين.الكبير:{لا أقسم بهذا}، {فقال لهم}، {وكذب بالحسنى}. اهـ.
|